مسلسل التغييرات على رأس أجهزة الأمن: ماهي الأسباب وهل تعيد الاستقرار لمخابراتنا - Radio M

Radio M

مسلسل التغييرات على رأس أجهزة الأمن: ماهي الأسباب وهل تعيد الاستقرار لمخابراتنا

Radio M | 05/09/22 08:09

مسلسل التغييرات على رأس أجهزة الأمن: ماهي الأسباب وهل تعيد الاستقرار لمخابراتنا

لن يكون تعيين جبار مهنى على رأس مديرية الأمن الخارجي، التغيير  الاخير على مستوى  قيادة جهاز المخابرات.

فموقع “ألجيري بارت” الذي ينشطه عبدو سمار، المقيم بفرنسا، رشح جبار مهنى لتولي تنسيق مختلف مديريات الأمن التابعة للجيش، مستقبلا. وذلك في مقال خصصه للتغيير الحاصل في جهاز الاستخبارات، ساعات قبل نشر البيان الرسمي لتنصيب المدير الجديد للتوثيق والأمن الخارجي

وهنا يعود إلى الواجهة السؤال حول من يزود المواقع الإخبارية والمعارضين في الخارج بالحركة الجارية داخل سرايا الحكم. وإذا كانت مصادر هذه المواقع والوجوه المعارضة، مطلعة إلى هذه الدرجة أسرار الحكم، فلماذا لا تضمن الحماية لأصواتها في الخارج وتتركها تواجه تهم ثقيلة تمس بسمعتهم وتعيق حريتهم؟

لنترك هذا الموضوع جانبا، ونبقى في مسلسل التغييرات اللامتناهية في جهاز الاستخبارات. تقليديا قادة الأمن العسكري ومديرية الاستعلام والأمن لاحقا، ثم مديريات الأمن التي ينسقها مدير مصالح الأمن (دىاساس) لا يعمرون طويلا في مناصبهم. بعضهم قضى بضعة أشهر في منصبه والبقية معدل توليهم منصب قيادي على رأس الجهاز ككل أو مديرية معينة هي سنة ونصف أو سنتين.

في حين بقي المرحوم خالف عبد الله، المدعو قاصدي مرباح لمدة 13 سنة (1965 – 1978) وبقي لكحل عياط سبع سنوات (1981-1988) على رأس الأمن العسكري. في حين يحتفظ الجنرال محمد مدين، المدعو توفيق، بالرقم القياسي ببقائه 25 سنة على رأس ال”دياراس”. وفي المديريات الفرعية، بقي الجنرال كمال عبد الرحمان على رأس مديرية أمن الجيش لمدة خمس سنوات، من سنة 1990 إلى سنة 1995، ليخلفه جبار مهنى إلى غاية سنة 2013

2013   سنة مفصلية في حياة الاستخبارات الجزائرية

وكانت هذه التنحية مفصلية في مستقبل جهاز الاستخبارات، لأنها جاءت بعد وفاة أحد الذين عمروا على رأس مديرية الأمن الخارجي، ويتعلق الأمر بالجنرال اسماعيل لعماري. لتدخل هذه الأخيرة مرحلة لااستقرار لم تنته إلى اليوم. بينما عرفت مديرية الأمن الداخلي تغييرات كثيرة منذ وصول عبد العزيز بوتفليقة إلى الحكم

وعرفت مديرية أمن الجيش بعدما غادرها جبار مهنى سبعة مدراء، بدأ بالجنرال تيرش وصولا إلى الجنرال ولد زميرلي الذي يجري الحديث عن تغييره كذلك.

ودخل جهاز الاستخبارات في حالة لا إستقرار منذ انتفاضة الشعب الجزائري في فيفري 2019، شبيهة بتلك التي حدثت بعد أكتوبر 1988، حيث انتهت الأحداث التي شهدتها العاصمة آنذاك وبعض المدن الجزائرية، بحل جهاز الأمن العسكري. وإن لم يتم حل الجهاز هذه المرة، فقد أودع منسقه، الجنرال طرطاق السجن العسكري، وظل منصبه شاغرا إلى اليوم. ما يجعل الاستخبارات في حالة شبه حل أو تفكك، رغم القوة الظاهرية التي نراها في قمع الحريات الفردية والجماعية ومنع الاجتماعات السياسية والاعتقالات الكثيرة التي باشرها في صفوف نشطاء الحراك الشعبي

الخبراء الامنيون يجمعون على أن القمع ليس مؤشر قوة أجهزة الاستخبارات، لان مهمة القمع عادة تتولاها أجهزة الشرطة. وقوة أجهزة الاستخبارات تظهر في قدرتها على استباق الأحداث، سواء الداخلية أو الخارجية. وهنا أظهرت مختلف مديريات الأمن الجزائرية في فترة الحراك الشعبي هشاشة كبيرة، برزت أساسا في فضيحة “بيغاسوس” التي كشفت عن تجسس الاستخبارات المغربية رفقة حليفتها الاسرائيلية على كبار المسؤولين الجزائريين، بمن فيهم مسؤولي المخابرات أنفسهم.

رفع القداسة عن أسماء قادة المخابرات مؤشر إيجابي

المعروف عن أجهزة الاستخبارات الجزائرية أن أسماء مسؤوليها لا يتم تداولها إلا في أوساط سياسية وإعلامية ضيقة. ولم تعد أسماء، بل حتى صور هؤلاء، ضمن الطابوهات غير متاح الحديث عنها للرأي العام الوطني بشكل عام. وهذا في حد ذاته مؤشر إيجابي في طريق رفع القداسة على جهاز الاستخبارات، وجعله جهاز يؤدي وظيفته مثل كل أجهزة الدولة ومسؤوليه مطالبون بتحقيق نتائج أثناء تأدية مهامهم.

وواضح أن ضعف النتائج هو واحد من الأسباب التي تبرر كثرة التغييرات. لكن عندما ننقل مدير الأمن الداخلي إلى مديرية الأمن الخارجي، ثم ننهي مهامه بعد أسابيع من ذلك، فعامل النتائج غير كافي لتفسير مثل هذا الخيار، إلا إذا كانت صحة عبد الغني راشدي قد تدهورت فجائيا، كما هو متداول.

وفي هذه الحالة لماذا يعوضه جبار مهنى الذي يفترض أنه يقود مديرية أنشأت حديثا، في سياق التعديلات المتكررة لقانون العقوبات، حيث إستحدثت مديرية مكافحة التخريب التي عين على رأسها مدير الأمن العسكري السابق والذي غادر السجن منذ فترة ليست بالبعيدة

هذه المديرية لم يعين على رأسها خليفة اجبار مهنى. وحسب موقع “ألجيري بارت” صاحب المصادر المطلعة على أسرار نظام الحكم، فقد تم حلها. وحتى إن كانت أخبار “ألجيري بارت” في هذا الخصوص، خاطئة، فمصادر الصحفي عبدو سمار تكون قد مررت رسالة، مفادها أن سياسة “مكافحة التخريب” التي إنطلقت فيها السلطة منذ قررت وضع حركتي ال”ماك” و”رشاد” كمنظمتين إرهابيتين وما تلى ذلك من إعتقالات في صفوف نشطاء الحراك الشعبي، قد بلغت محدوديتها أو حققت أهدافها ولم تعد لها جدوى…ا

هاجس  الحراك الشعبي والملف المغربي

وهناك ملف آخر شكل هاجس جهاز الاستخبارات في الآونة الأخيرة، ويتعلق الأمر بالجارة، المملكة المغربية التي سعت إلى استغلال الظرف السياسي الداخلي للجزائر للتقدم في مقترح الحكم الذاتي في الصحراء الغربية. ولم ينتظر المغرب الحراك الشعبي ليبدأ العمل في هذا الاتجاه، بل بدأ ذلك قبل الحراك بكثير، كون الجبهة الداخلية في الجزائر لم تضعف بسبب الحراك الشعبي.

هذا الملف وما تسبب فيه من اهتزازات داخل أجهزة الأمن الجزائرية وداخل السلطة بشكل عام، يدعم أكثر موقف الحراك الشعبي الذي كان رافضا منذ البداية ربطه بأي أجندة خارجية، وكانت من بين شعاراته، تلك الرافضة لتدخل الامارات وفرنسا وغيرهما من العواصم التي دعمت الوضع القائم في الجزائر

محمد. إ

)فترات قيادة مختلف الأسماء التي تداولت على تسيير المخابرات من موقع “ويكيبيديا)